إن صفة إدمان التي تقرن بالانترنت لتدل على
الشغوف باستخدامه لساعات طويلة يوميا وعدم الاستغناء عنه, لم تعد رمزية
للدلالة على الشغف فحسب, بعد أن كشفت دراسة حديثة أن الإدمان على الانترنت
يسبب تغيرات في الدماغ مثل تلك التي تحدث عند الإدمان على المواد الكحولية
أو المخدرات, مما جعل قضاء الساعات الطويلة في استخدام الانترنت, و عدم
القدرة على الاستغناء عنه فعلا إدمانا بالمعنى الحقيقي و ليس الرمزي
للكلمة.
تقول الدراسة التي اجريت على مجموعة من
الشباب المدمنين على الانترنت, و التي درست أدمغتهم بشكل دقيق, أن الإدمان
على الانترنت مثل باقي أنواع الإدمان الأخرى تؤثر على سلامة المادة البيضاء
في الدماغ, و خصوصا تلك الموجودة في بعض مراكزه المتعلقة بتوليد و معالجة
العواطف, و اتخاذ القرارات, الانتباه و الإدراك المعرفي.
يرى المختصون في علم النفس أن الوقت الطويل
و المستمر على الانترنت سيجعل المدمنين عليه منشغلين عن قضاء حاجاتهم
الفطرية, مثل تناول الطعام و الشراب, و كذلك النوم, كما أنهم سينشغلون عن
حياتهم الاجتماعيه و العاطفية, فهم يقضون ما يقارب 14 ساعة يوميا أمام
الانترنت, و لا تتفاجأ إذ أن أحدهم يقضي كل هذا الوقت الطويل و المتواصل في
المحادثة , أو ممارسة إحدى الألعاب, دون توقف أو انقطاع, و كل هذه العوامل
من الإهمال و العزلة تساهم في الاضطرابات في مهام و تركيب الدماغ.
كما وجد علماء النفس أيضا أن المدمنين على
الانترنت يتعرضون إلى عدد كبير من المشاكل, مثل تلك التي يمر بها مدمنو
الكحول و المخدرات, مثل تراجع مستواهم الدراسي, و تغيبهم عن المدرسة و
الجامعة, بالإضافة إلى الاضطرابات السلوكية الأخرى التي تتفاقم تدريجيا.
و ما هو مقلق حقا, أن دراسات أخرى تتحدث عن
زيادة نسبة المدمنين على الانترنت عالميا اذ أن 5-10 بالمئة من مستخدمي
الانترنت يميلون إلى إدمانه, فهل سيكون الإدمان على الانترنت أفة الأعوام
القادمة ؟